بعد إلغاء نشره في مجلة هارفارد: صدور مقال حول “الإبادة المعرفية والصمود” يوثّق تدمير التعليم العالي في غزة

نُشرت مؤخرًا دراسة أكاديمية بعنوان “الإبادة المعرفية والصمود: إبادة غزة والنضال من أجل التعليم العالي الفلسطيني” في مجلة Curriculum Inquiry الدولية المحكمة، الصادرة عن دار النشر الأكاديمية Taylor & Francis والمصنّفة ضمن الفئة الأولى (Q1) في قواعد بيانات Scopus وWeb of Science نظرًا لتأثيرها العلمي الواسع في مجال التربية ودراسات المناهج.

شارك في تأليف الدراسة كل من د. شاندني ديساي، وسندس حمّاد (منسقة حملة الحق في التعليم بجامعة بيرزيت)، ود. أحمد أبو شعبان، ود. عبد الرزاق تكريتي.

تتناول الدراسة مفهوم “الإبادة المعرفية” (Scholasticide) من خلال تتبّع جذوره التاريخية وتطوره النظري، وتحليله في سياق محاولة إسرائيل القضاء على التعليم العالي خلال الإبادة الجارية في غزة. ويرى الباحثون أن “الإبادة المعرفية” تمثل ركيزة أساسية من ركائز الإبادة الجماعية ضمن المشروع الاستعماري الاستيطاني الإسرائيلي المستمر.

وتعالج الدراسة خمسة محاور رئيسية تشمل الأسس النظرية لمفهوم الإبادة المعرفية، والظروف الميدانية التي شكّلت تطوره، ونشأة الجامعات الفلسطينية في ظل الاستعمار، واستراتيجيات بقاء مؤسسات التعليم العالي في غزة والضفة الغربية عبر التاريخ وحتى اليوم، وجهود التضامن الأكاديمي الدولي مع جامعات غزة وحدود هذه الجهود.

كما تتناول الدراسة مبادرتين رئيسيتين أُطلقتا أثناء العدوان عام 2024، وهن لجنة الطوارئ للجامعات في غزة، وبرنامج إسناد الذي أُنشئ لحماية مؤسسات التعليم العالي غير الربحية، ورفض نماذج إعادة الإعمار الاستعمارية والنيوليبرالية، وتعزيز التضامن الدولي مع التعليم العالي الفلسطيني.

وتؤكد الدراسة على ضرورة مركزة الجامعات الفلسطينية، وخاصة جامعات غزة، في أي نقاش حول الإبادة المعرفية، معتبرة أن ممارسات التعليم الفلسطينية رغم الحصار والدمار تمثل أشكالًا من المقاومة وتقرير المصير والبقاء الجمعي، وتجسّد الإرادة المستمرة للحياة والتعليم وسط الإبادة.

وجاء في المقال: “في غزة، لم يعد التعليم وعدًا بعيد المدى، بل أصبح ساحة مواجهة: إن استهداف المؤسسات التعليمية يعكس رغبة في محو المستقبل”.

وفي تعليقها على المشاركة، قالت سندس حمّاد إن الدراسة “تمثل جسرًا بين البحث الأكاديمي والعمل الميداني في الدفاع عن الحق في التعليم، وتوثيقًا لتجارب حية من الجامعات الفلسطينية التي تواجه التدمير الممنهج للمعرفة والبنية التعليمية”.

اللافت أن هذه الدراسة كانت معدّة في الأصل للنشر ضمن عدد خاص من مجلة

Harvard Educational Review (HER) الصادرة عن جامعة هارفارد، حول موضوع التعليم وفلسطين. لكن، وكما كشفت صحيفة The Guardian في تقريرها الصادر بتاريخ 22 تموز/يوليو 2025، فقد ألغت دار النشر التابعة لهارفارد (Harvard Education Publishing Group) العدد بالكامل في مرحلته النهائية، بعد اكتمال مرحلة التحرير وقبول جميع المقالات للنشر.

وقد أثار القرار جدلًا واسعًا داخل الأوساط الأكاديمية، حيث اعتبره كثيرون مثالًا صارخًا على ما يُعرف بـ”الاستثناء الفلسطيني” في الجامعات الغربية، أي المعايير المزدوجة التي تُطبّق حين يتعلّق الأمر بفلسطين، من تقييد حرية البحث والنشر إلى إسكات الأصوات المتضامنة مع القضية الفلسطينية. ويرى منتقدون أن هذا الإلغاء يعكس الضغوط السياسية والتمويلية التي تؤثر على استقلالية النشر الأكاديمي وحرية التعبير داخل المؤسسات التعليمية الكبرى.

ومع ذلك، فإن نشر الدراسة في مجلة Curriculum Inquiry اليوم يمثل انتصارًا رمزيًا ومعرفيًا ضد هذا التقييد، ويؤكد على استمرار حضور المعرفة الفلسطينية في المجال الأكاديمي العالمي، رغم محاولات الإقصاء والصمت.

وتؤكد الدراسة في ختامها أن حماية التعليم وإعادة بناء الجامعات الفلسطينية يجب أن تكونا في صميم أي استجابة إنسانية وسياسية، باعتبارهما شرطًا أساسيًا لاستمرار الحياة الثقافية والفكرية الفلسطينية.

للاطلاع على المقال كاملًا:
https://www.tandfonline.com/doi/full/10.1080/03626784.2025.2558520

More Articles

Pro-Israel group monitoring,...

Critics of Israeli policy and sympathizers with...

By admin • Apr 04 Read More »